الحلقة الخامسة.....ما الفارق بين النظامين ؟
حسنا ما الفارق بين نظام هلال الاسلام السياسى ، وبين المحور العربى ؟
سبق ان قلنا ان ايدولوجيا الاسلام السياسى كانت تعتمد على اوهام تاريخيه ،مثل الخلافه العثمانيه للسنه او الدولة الصفوية للشيعه
الايدولوجيا هنا ركن اساسى فى اللعبه
بينما لا يقدم المحور العربى ايدولوجيا مماثله ، وانما يعتمد على الحس القومى والرغبه فى تحديث الخطاب الدينى
من الممكن ان تعتبر هذه نقطة ضعف لدى المحور العربى ، لان الايدولوجيا الاولى محبوبه اكثر لدى الشعوب ، لكن فى النهايه هى لا تصمد امام الواقع ،
نلاحظ ايضا ان فى نظام هلال الاسلام السياسى ، كان هناك وكلاء حقيقيين عن الوطن العربى سيتحدثون نيابه عن دوله ، لان الحكومات المفترضه وقتها ، كانت لتصبح مجرد ادوات او حكومات تابعه للوكيل الاصلى ، كانها اقرب لولايات تتمتع ببعض الحكم الذاتى لكنها تدين بالولاء والطاعه للخليفه ، وقد حدث هذا فعلا بدون مبالغه ، اذ قام نظام الاخوان المصرى مثلا بتوقيع اتفاقيات مع تركيا لا تفيد الاقتصاد المصرى فى شىء ، بل تضره لصالح الاقتصاد التركى مثل اتفاقية الرورو والتى تم الغاءها بعد استرداد الدوله المصريه مقادرها مره اخرى
لمن لا يعلم فقد كانت اتفاقية الرورو تعطى الجانب التركى امتيازات كبيره واعفاءات لنقل بضائعه بريا او عبر قناة السويس دون مسوغ لهذا كما كان يعفيها من التفتيش اذا كانت ستمر ترانزيت ( وتسبب هذا فى تهريب اسلحه من تركيا الى الاخوان طبعا ) كما هو متوقع
هذا مجرد مثال ... بمعنى ان الدول كانت ستفقد استقلاليتها لصالح المصالح التركيه او الايرانيه حسب موقعها من الخطه
بينما على العكس من هذا فان المحور العربى يعتمد فى الاساس على تقوية الحكومات المركزيه فى تلك الدول لتصبح اكثر قدره على ضبط الحدود ، ومحاربة الارهاب
فى الحقيقه ان المحور العربى يقدم نفسه كمثال ( وليس ممثل ) للعرب فى هذه الجوانب الثلاث
محاربة الارهاب والتطرف
مقاومة الهجره غير الشرعيه
التعاون المتبادل مع ( جميع ) دول المنطقه فى كافة المجالات مثل الطاقه والأمن و حل المشاكل العالقه
وان هذا سيساعد على استقرار المنطقه وبالتالى انقاذ اوروبا من اللاجئين
ويقلل اعتماديتها على الغاز الروسى بنسبه ما
ويساعد على تقليل التوتر الناتج من القضيه الفلسطينيه العالقه
اى ان المحور العربى ليس وكيلا ، فى اشخاصه ، ولكن يمكن اعتباره تطويرا وتحديثا اكثر واقعيه ، للجامعه العربيه ، واكثر قبولا
نظرا لاستحالة جمع هذه الاضداد ( اى النظامين معا ) فلابد من ان تكون الحرب بينهما حرب وجود الى ان يقرر احدهما الاستسلام او الاندماج مع النظام الفائز
يختلف النظامين ايضا فى ان هناك توافق دولى حول المحور العربى ودوره ، على عكس هلال الاسلام السياسى الذى كان التوافق حوله غربيا فقط ، بينما كان مرفوضا الى حد كبير ما يقوم به من قبل روسيا و الصين على سبيل المثال
بينما ما يقوم به المحور العربى هو امر مقبول تماما سواء شرقا او غربا ، كما ان سياسته المعلنه والسريه ايضا تحظى بالقبول العام لانها متوافقه وليست متناقضه ، عكس ما كان الوضع مع هلال الاسلام السياسى ، الذى يتبع سياسه علنيه مختلفه تماما عن سياسته ،السريه الفعليه ، فستجد اردوغان يعلن انه يحارب الارهاب ، بينما تنشر روسيا صور الشاحنات التابعه لداعش وهى تنقل البترول المسروق الى تركيا وتنشر فضائح تورط النظام حتى رأسه فى التعاون الكامل مع داعش !!!هذا التناقض يجعل مسألة الثقه فى هؤلاء الوكلاء ( تركيا وايران) عادة امرا بعيدا عن الواقع
كون المحور الجديد ( عربيا وليس اعجميا كالمحور السابق) يجعله اكثر موثوقيه فى التعامل مع القضايا العربيه ، واكثر قبولا لدى شعوبها على المدى الطويل من الاملاءات التركيه او الايرانيه التى كانت ستوجه الى الادارات المواليه لها فى حال نجاح المخطط
الخلاصه .. المحور العربى لا يقدم نفسه كوكيل عن الوطن العربى ، بل كمثال و شريك موثوق ، وهو واقعيا امر اكثر ديمومه من فكرة الخضوع للوكلاء سواء فى طهران او انقره ، حيث يتوقع ان مستقبلا سترفض اغلب الشعوب هذه الوصايه والتبعيه ما يعنى مزيد من عدم الاستقرار
لا يعنى هذا ان الامور استتبت او انتهت ، بل هو صراع طويل يستمر ، وقد ينقلب الحال غربا ، فى سنوات ما بعد ترامب