Skip to main content

متى تنخفض الاسعار؟!.......احلام الفتى الأخرق!!



يعيش المواطن (ايا يكن اسمه) فى اغلب بلاد العالم شاكيا من موجات الغلاء التى تضرب قدراته الشرائيه بعنف متصاعد ، راتبه يتبخر بشكل سريع يفوق قدراته على التعويض، ويغمض عينه ويترك لذاكرته العنان ، ليسترجع اسعار السلع فى طفولته وشبابه ، يتحسر كيف كان كيلو اللحم بعشر قيمته الحاليه وربما اقل، ثم يتنهد فى يأس ويقول

"متى تنخفض الاسعار؟!!"

اسمع جنى الامنيات يصرخ فى مصباحه ويقول "احذر مما تتمنى ايها الساذج!!"

غالبا لا يعلم مواطننا المجهول الاسم (فلنسمه سين) انه ومنذ ظهور النقد بصوره المتدرجه حتى عصر البنكنوت ان التضخم امر شبه حتمى فى حياته، الاسعار ترتفع جيلا بعد جيل، نسى ان اباه طالما اشتكى من الاسعار وتحسر على اسعار"زمان"، نسى ان جدته شبه الكفيفه طالما حكت له عن "خير زمان" عندما كانت تستطيع ان تؤجر شقة بثمن شطيرة فى عصرنا، نسى انه كان يسخر من كل هذا ويعتبرها خرافات العجائز، والان حان دوره 

التضخم ذلك الوحش المقيت، يكرهه (سين) كراهة الموت ويتمنى لو كان رجلا ليقتله ويخلص الناس من شره!!

لم يحظ فى علم الاقتصاد مصطلح ما بما حصل عليه التضخم من سوء السمعه!

 يمكننا ان نعرف التضخم ببساطه على انه زيادة اسعار السلع والخدمات، وكلها امور يكرهها الجميع، ويتبعها عادة انخفاض القوة الشرائيه، انخفاض قيمة العملة نفسها

لكن هناك مستفيدون من التضخم لا يدركهم (سين)

1-      المستثمرون:تخيل انك مستثمر وامامك مجالين، احدهما اسعاره ترتفع ، والاخر اسعاره تنخفض ، ايهما ستختار لتستثمر فيه؟
طبعا ستختار الاول، لانك ستحقق ارباح بشكل اسهل واكبر، بينما الاخر سيتسبب لك فى خسائر، فانت تشترى سلعه ينقص ثمنها
 من سيرغب فى هذا؟!!
نفس الكلام عن الدول، امامك دوله ترتفع اسعار السلعه التى تبيعها فيها واخرى تنخفض فيها اسعار تلك السلعه، فأيهما ستختار لتستثمر فيها؟! اذن فبعض التضخم سيفيد فى جذب الاستثمارات بلاشك!

2-      المقترضون:تخيل انك اقترضت مليون جنيه اليوم واصبحت قيمتها بسبب التضخم بعد عام 900 الف، وانت ستسدد الان مليون جنيه لكن قيمتها اقل،وقد استفدت منها وهى بقيمه اعلى وقت الاقتراض، بل ان التضخم لو زاد عن المتوقع فغالبا ستكون انت الرابح على عكس البنك الذى حدد سعر فائدة على اساس توقعات تضخم اقل!!

3-      الحكومه:باعتبار الحكومات عموما هى اكبر المقترضين تستطيع ان تفهم ببساطه لماذا تسعى "بعض" الحكومات (مثل الولايات المتحدة) لزيادة التضخم احيانا حتى تسدد ديونها بدولارات ذات قيمة اقل من تلك التى اقترضتها

4-      سين نفسه:حيث انه سيطالب مديره بعلاوه لمرتبه لم يكن من الممكن ان يوافق عليها لولا ان الشركة حققت ارباحا اكبر بفضل التضخم، بل انه لولا التضخم لربما فصلته الشركة لتخفيض النفقات وزيادة الارباح!!
لكن لا احد سيشكر التضخم على تلك الخدمات، الكل سينظر له باعتباره الشيطان الذى يتغذى على اموال الناس بالباطل

صحيح ان التضخم له فوائد ينكرها (سين)، لكنه مثل النار المطلوبه لطهى الطعام، ضروريه نعم، لكن الكثير منها سيحرق الطعام وربما المنزل نفسه!ولا احد سيذكر دورها الجوهرى فى الطهى، الكل سيذكر الطاهى وجودة اللحم وامانة الجزار، لكن لن يتذكروا نار الموقد فى شكرهم ابدا

الان جنى الامنيات قرر الاستجابة (لسين) قرر ان يجعل الاسعار تنخفض، بان ارسله عبر الزمن الى فتره حيث انخفضت الاسعار، ليعيش امنيته

ارسله الى عام 1930م فى ولاية نيويورك بامريكا

عاش سين مبهورا فى البداية، سعر الجبن اليوم بنصف دولار ومن اسبوع كان بدولار كامل، شاهد منزلا واعجبه كان بسعر لايصدق، وعلم انه من شهرين كان يباع بضعف هذا السعر، لكنه قرر الانتظار لعله ينخفض اكثر، المدهش حقا ان السعر انخفض اكثر!!

انه النعيم المقيم!! (سين) فى الفردوس بلا شك!!

لكن بدأت المشاكل تظهر

شركته تبيع معاصرالذره للمصانع من اجل الزيت، لكن المصانع نفسها اغلقت وتباع فى المزاد لان الزيت سعره انخفض، ولم تعد قادرة على سداد ديونها حتى لو باعت كل مخزونها، ولايوجد مشترى!! 

لا احد يريد ان يشترى معصرة الذره اليوم منه.....!!

شركته تقرر ان تخفض العماله، فتفصله، لانها غير قادرة على سداد راتبه

الراتب الذى طالما اشتكى انه لا يكفيه مع التضخم، لم يعد موجودا من الاساس اليوم عندما بدأت الاسعار فى الانخفاض
رأى اسعارا لم يتصورها فى حياته!

 منازل تباع بعشر اثمانها، لكن لااحد يملك ما يكفى من المال بسبب البطاله مثل (سين)، ومن يملك المال يخشى انفاقه اليوم انتظارا لمزيد من انخفاض السعر حتى لا يخسر استثماره.

(سين) غير قادر على شراء طعامه ولا دفع ايجار منزله!!!

 صار يقف طابورا طويلا لتلقى الاعانات كالمتسولين، ورأى فى الطابور جيرانه ومديره السابق ايضا!!

الفردوس انقلب جحيما!!

الدولة تتدخل وتنفق فى مشروعات بسيطه وبعضها يبدوا ساذجا، لكن الغرض هو تشغيل الناس واعطاءهم اجورا

الناس تتلقى الاجور التافهه ممتنه وتشترى الطعام

تبدأ البقالات فى طلب الطعام من المزارع والمصانع والتى بدورها تبدأ فى تصريف مخزونها

تبدأ المزارع فى الانتاج، لكن الطلب اكبر من انتاجها الان ، فتزيد الاسعار تدريجيا

 تبدأ فى تعويض خسائرها وتحقيق ارباح

المصانع والمزارع تطلب مزيد من العمال لتلبية الطلبات المتزايدة، من اجل تحقيق مزيد من الربح واغتنام الفرصه والسوق الجديده

(سين) يجد عملا ويتلقى اجرا افضل الان.

اشترى ملابس جديده انتجها مصنع اعيد تشغيله من جديد عندما ارتفعت اسعار الملابس.

 يذهب لشراء المنزل لكن الاسعار صارت بعيدا عنه الان.

يزفر فى يأس
"متى تنخفض الاسعار؟!!"


Comments

Popular posts from this blog

فيلم الشعله ....معلومات لا تعرفها عن فيلم كان يعرض كل عيد

يتذكر اجيال ما قبل التسعينات   فيلم الشعله ، الفيلم الهندى الاشهر  اعتدنا جميعا ان نشاهده ظهر احد ايام العيد على القناة الثانيه المصرية يرتبط الفيلم مع بعضنا بذكريات الاعياد ، او حتى نوادى الافلام الهنديه ، التى كانت تعرض تلك الافلام وعلى راسها فيلم الشعله كمقهى صغير لجذب الرواد ، منذ نهاية السبعينات  نرصد معا بعض المعلومات عن الفيلم الذى لا ينساه مصرى او مصريه فى ذلك الزمن الفيلم من انتاج عام 1975م  تم تصوير الفيلم لمدة تزيد عن العامين والنصف تم عرض الفيلم فى السينمات لفتره اسطوريه ، تصل الى 5 سنوات تقريبا ، وهو امر غير مسبوق طبعا ابطال الفيلم  ا ميتاب باتشان لم يكن هو البطل الاول للفيلم فى شخصية جاى ، وانما كان فى وقتها نجما صاعدا ، حيث ان مسيرته وقت اختياره كانت 3-4 سنوات فقط فى بوليود بينما كان بطل الفيلم الاول هو  دارمندرا الذى قام بشخصية فيرو  لهذا كانت وفاة اميتاب فى الفيلم طبيعيه ، وان كانت صادمه للجمهور العربى عموما ، والذى يعتبر وجود اميتاب باتشان فى اى فيلم  يعنى انها بطولته المطل...

ما هو ترتيب مصر عالميا من حيث الجريمه المنظمه و خدمات الشرطة ؟

احد الموضوعات الحرجه والتى يتجنب الكثيرون الحديث عنها  واحد اكثر الموضوعات التى حدث فيها غسيل دماغ للمصريين  هناك معيار دولى سنلتزم به وهو تقرير التنافسيه العالمى 2018 The Global Competitiveness Report  يعطى التقرير الشرطة المصريه من حيث الموثوقيه والاعتماديه Reliability of police services درجة 4.8 من اجمالى 7 درجات طبقا للمقياس الخاص بهم  المفترض ان 7 هى افضل مستوى للموثوقيه  و 1 هى اقل مستوى  ترتيب الشرطة المصريه وخدماتها هنا كان 51 عالميا من اجمالى 140 دوله  وهو ترتيب جيد جدا ... انت تقريبا فى الثلث الامامى  ترتيبك فى الجريمه المنظمه هو 43 على العالم ، بسكور 5.3 من 7 ، وهو ايضا سكور جيد جدا بين دول العالم الثالث ، ان لم يكن ممتازا ، ولاحظ انه يرتبط نسبيا بكفاءة جهاز الشرطه ماذا عن دوله مثل تركيا ؟  ترتيب موثوقيه واعتمادية خدمات الشرطة التركية عالميا هو 90 و بسكور 4.1 فقط  الجريمه المنظمه فى تركيا يجعلها فى الترتيب 91 عالميا وبسكور 4.4 اذن باختصار الشرطه فى مصر اكثر ...

لماذا تحالف اليساريون مع الاخوان؟ الحلقة الاولى..... اليسار

الحلقة الأولى  اليسار المقال ده باجزاءه ، غرضه التبسيط والتوضيح للقارىء العادى ، وليس الخلاف حول التعريفات السياسية المتخصصه هحاول هنا اربطلك شوية حاجات تبدوا مبهمه احيانا للقارىء العادى لحد ما نوصل مع بعض لاجابة السؤال اللى فوق اى عارف بتاريخ اليسار سواء فى مصر او غيرها ، سيعلم علم اليقين ان العلاقة بينه وبين اليمين الدينى المتطرف وجماعاته "كجماعة الاخوان" كانت دوما علاقة عداء صريح ، علاقة يشوبها الاتهامات المتبادله ، وانعدام الثقه لكن اى نظرة لعلاقتهم فى السنوات الاخيره ستصيبك بالاندهاش ، اصبح الاثنان فى معسكر واحد دوما ، وعادة ما يكون هذا المعسكر ضد الدوله نفسها ، والانكى ان تجليات التعاون عادة ما تنتهى فى غير صالح اليسار، فلماذا التعاون والالتصاق المستمر اذن؟! لكى نفهم الامر بشكل افضل تعال فى رحله بسيطه حول المسميات والافكار من هم اليساريون؟ كلمة اليسار فى الفكر السياسى تعود اساسا لعصر الثورة الفرنسيه عندما كان المعترضون او المعارضون ، الراغبين فى هدم النظام الحالى واستبداله بنظام اخر يجلسون الى اليسار ، بينما المؤيدون والمحافظون وال...