الثقافه بين عصر مبارك و العصر الحالى
---------------------------------------
الجزء الثانى .........العصر الحالى
--------------------------------------
حسنا على ما يبدوا ان الدوله استفادت من المتغيرات الجديده فى الاتصالات ، واستفادت من تجربتها السابقه فى التنوير ومحاربة الفكربالفكر
اقتنعت الدوله بالمواجهه بشكل مباشر مع الاخوان خصوصا بعد ان وضعوا هم انفسهم فى مواجهة وجوديه مع الدوله ، وطبعا اختار الشعب دولته
لم يعد فى رأى الدوله او السلطه ، ان نشر الكتب رخيصة الثمن سيكون كافيا باى شكل لمواجهة الارهاب وافكار التطرف
ربما لانه لا يوجد داعم قوى من داخل النظام للفكره التى لم يثبت نجاحها على الارض
ممكن نقول انهم وجدوها فكره غير مجزية اقتصاديا ، تكلفه عاليه ، مردود قليل ، والدوله حاليا تحب كثيرا المردود الاقتصادى للمشاريع ( حتى لو مردود غير مباشر من خلال دعم الاستقرار)
لهذا وجدت ان انفاق هذه الاموال للقضاء على العشوائيات التى كانت مرتعا خصبا لجماعات الارهاب ، باجتذاب الفقراء للمظاهرات والتخريب بمقابل او حتى نظير وعود ، هو امر ربما يكون اكثر نجاحا على الارض من محاولة جعل هؤلاء يقرأون ، لانه من الواضح ان الثقافه ليست من اولويات هذه الفئه ، وانها ستنتظر اول ممول قادم للفوضى ، لتنضوى تحت جناحه فى عمليات تخريب مهما قمت بتوفير كتب رخيصه او مكتبات متنقله ، وجدتها فكره رومانسيه ، وهى ترفع شعار الواقعيه
وجدت ان تحسين الخدمات وجودتها سيجعل الغالبيه اكثر حرصا على عدم خسارة ما تم بناءه ، وهى نظريه مفهومه ، فغالبا لا يقوم بالتخريب شخص لديه ملكيه ، لان لديه ما يخسره ، هو يريد ان يشعرك انك صرت تمتلك طرقا حديثه ، محاور ضخمه ، محطات طاقه هائله ، وكلها تحمل اسم يصعب على اى (مصرى) ان يقوم بتخريبه وهو (تحيا مصر) ، وهى تسميه ذكيه ، تدل ان هناك فكر (مؤسسى ) وراء هذا المشروع ووراء هذه التسميه لمكافحة الارهاب والتخريب مستقبلا
وجدت ايضا انه من الافضل ان يتم مقاومة ( الافكار التخريبيه) من خلال طريقين
تقوية الفكر والشعور القومى
---------------------------
لهذا تم الاتجاه للوسائل الاكثر وصولا للناس من الكتب ، وهو الاعلام و السوشيال ميديا ،الاتجاه للافلام والمسلسلات ، هذه الوسائل صارت تحمل رسائل متفاوته لتقوية الحس الوطنى والقومى ، وهو كفيل بمنع التخريب فى رأى الدوله حاليا ، اما الارهابيين ، فالامن سيتكفل بهم ، بعد ان اتضح ان الامر يتجاوز اى مواجهات فكريه ، لان هناك اجهزة استخباراتيه تعمل على استمرار المواجهات وتمويلها ودعمها ، وبالتالى فلا توجد فرصه ( لاقناع) الارهابى بترك الارهاب ، حيث ان مراجعات امن الدوله ثبت فشلها بشكل ذريع وعاد 99% ممن زعموا المراجعه والتوبه عن الارهاب الى ارهابهم بحماس شديد ، توبة الارهابى امر من الخيال ولا يمكن تحقيقه على ارض الواقع بالتجربه ، الارهابى مصيره سيكون مواجهه امنيه مع الدوله ، ويدعمها الشعب ، ولن يسمح ، لا الدوله ولا الشعب ، للارهابى بالانتصار تحت اى ظرف ، لانها مواجهة وجود
الفكر الدينى :
-------------
يغضب البعض من الدوله لانها لم تحارب حزب النورالسلفى الذى تحالف فى فتره من الفترات مع الاخوان
ويغضب الكثيرون من الازهر ويرونه سلبيا فى مواجهة الفكر المتطرف
ويغضب البعض لان الدوله لم تقم بالقضاء على الفكر السلفى
سبب الغضب هنا ، ان الغالبيه الساحقه من المصريين يعتبر الاخوان والسلفيين وجهان لعمله واحده ، وهو تصور فى رأيى غير دقيق بعض الشىء
السلفيين ليسوا كيانا واحدا كالاخوان وليسوا تنظيما من الاساس ، السلفيين مجموعات غير متجانسه ، وغير متوافقه وغير مترابطه عضويا ، ورغم ان القواعد الاساسيه واحده ، الا التطبيق بينهم واسع الاختلاف ، واغلب من رأيتهم من السلفيين الذين يدعمون الاخوان ، هم فى حقيقه الامر متشبعين بالافكار الاخوانيه ، اكثر من الافكار السلفيه نفسها ، لان للاخوان جناح سلفى معروف
السلفي الحقيقى ، سيكون- ان صح التعبير - دولجيا بامتياز ، مناصرا حقيقيا للدوله ، وضد اى ثوره ، وضد اى مظاهرات ، وضد اى تخريب ، وبالتالى فانه فى نفس المركب مع انصار الدوله ضد الاخوان حتى لو كان السبب مرجعيه مختلفه عن مرجعية القومى ، لكن النتيجه واحده وهى رفض التخريب والتظاهر الفوضوى ، واى هجوم منظم عليه من قبل انصار الدوله المصريه ، فى رأيى هو هجوم يحمل بعض الغشم ، وبعض الجهل بطبيعة الفكر السلفى المقصود
طبيعى ان تختلف فى بعض الامور او كلها مع بعض او حتى كل تيارات الفكر السلفى ، هذا امر وارد ، لكن لا ينكر احد ان السلفى (الحقيقى وليس السلفى المتأخون) على عكس الاخوانى ، يمتلك منهج شبه مكتمل ، يلزم نفسه به ويتلزم شخصيا بدقائقه ، ولا يقوم بتطويعه لمصلحة الجماعه التى ينتمى اليها (ربما لانه لا ينتمى لجماعه كما يفعل الاخوانى او المنتمين للجماعات الارهابيه الاخرى)
ولهذا فهناك العديد من التيارات السلفيه ، بعضها متشبع بالاخوانيه ، وهؤلاء اصبحوا فى عداء مع الدوله ، وفى مرمى حربها الامنيه ، وبعضها بعيد تماما عن افكار الاخوان ، وضدها على طول الخط ، وهؤلاء هم الظهير الدينى للدوله القوميه المصريه ، ولا ينبغى ، فى رأيى ان نخسرهم ، خصوصا ما التزموا بقوانين وقواعد الدوله ، وعلى ما يبدوا ان اجهزة الدوله تحمل نفس القناعه الى حد كبير
للاسف فان الازهر ضعيف فى هذه المواجهات ، لسابق اختراقه من جهات عده ، اهمها الاخوان بافكارهم وتمويلاتهم ، صحيح يحظى باحترام المصريين ،لكن قربه من السلطه اضره حيث لم يعد ينفع اصلاح هذا الضرر على ما يبدوا ، لهذا فان المقاومه الدينيه للفكر الاخوانى يقع بشكل كبير فى قواعده الشعبيه على ( انصار الدوله من الفكر السلفى )
بينما يقع عاتق المواجهه الرسميه العلنيه على عاتق الازهر ودار الافتاء وهم المسئولون عن (الشكل التنويرى) لمقاومة الفكر المتطرف وليس الشكل (الشعبى) وهناك مرصد مكافحة التطرف الذى انشأه الازهر موجود وذو محتوى قوى ، لكن بلا فائده حقيقيه على الارض ، لاننا كشعب نفضل الكلام المسموع عن المقروء ، ونفضل الكلام ذو الصبغه اليساريه ارضاء لاهوائنا ، عن الكلام العلمى الحقيقى ، لانه لا يرضى مزاجنا الشعبوى ، نحن نفضل الاشاعه عن الحقيقه ، لانها ترضى نوازع الهرى والنميمه والاحقاد الطبقيه
اما لتقوية الفكر القومى نفسه ، فقد لجأت الدوله كما قلنا للاعلام اساسا و السوشيال ميديا بشكل اقل ، اعتبرتهم الوسائل الثقافيه المجديه اقتصاديا ، والتى تتيح لها وأد اعادة الكرة من عناصر المؤامره السابقه ، واستخدمت نفس الادوات التى تم استعمالها من قبل لهدمها ، كما قررت ان تبنى نظام تعليمى جديد ، يقوم في جزء منه على تقوية هذا الفكر القومى الوطنى لدى الاطفال ، وستجده واضحا فى المناهج الجديده ، فى محاوله ضروريه لتوصيل الامر لاكبر عدد من الاطفال والاسر بشكل فعال ، بعد ان اتضح لها ان المصريين رغم اهتمامهم بشراء الكتب ، الا انهم فضلوا عدم تغيير افكارهم من خلالها ، وتاثروا اكثر بالاعلام والسوشيال ميديا ، المصريين يحبون التعليم باعتباره وسيله تاريخيه (للترقى الطبقى والاجتماعى والاقتصادى) ، لكنهم لا يحبون التعلم والتثقف
***********************************************
اذن سنرى ونخلص من كلامنا هذا ان الدوله فى العصر الحالى حتى اللحظه لا ترى الثقافه المكتوبه كوسيله ناجحه لمحاربة التطرف ، وتراها وسيله سبق ان اثبتت فشلها ، وغير مجديه اقتصاديا ، وتفضل عليها الثقافه المرئيه والمسموعه ، ولهذا ايضا فستجد ان وزارة الثقافه عادت الى الخلفيه ، ولم تعد ذات تاثير يذكر ، لان دورها لم يثبت له جدوى فى منع التخريب والعنف ، حتى ان اغلب الناس لا يعرف اسم وزير الثقافه ، وطبعا لن يعرف اسم رئيس الهيئة العامه للكتاب ، لانها ادوات فشلت فى تنفيذ اهدافها فى القناعه الحاليه
لا تزال ايدولوجية الدوله فى الاتجاه القومى الوطنى غير متبلوره بشكل واضح
يعنى هناك انفصال فى سرعات قطار الدوله ، بعض العربات فى المقدمه تسير بشكل قوى وواضح فى هذا الاتجاه ( عربات الرئاسة و المؤسسات السياديه ) ، اما عربات باقى المؤسسات فتجدها تعانى من عدم وضوح فى الرؤيه ، وضعف فى الايمان بهذه الايدولوجيا و ترسيخها بدرجات متفاوته ربما لان عناصرها لا تزال غير متجانسه (بمعنى ان فيها عناصر بنسب مختلفه لا تؤمن بفكرة القوميه المصريه او الوطنيه اصلا نظرا لطول تعرضها للتشويه الاخوانى واليسارى عبر السنوات والعقود الماضيه) وبالتالى تجد ان اداءها فاترا او متخبطا ومتضاربا مع اداء المؤسسات السياديه والتى على ما يبدوا بحاجه لمزيد من الجهد لبلورة تلك الايدولوجيا ، لتكون خارطة الطريق لكل فرد فى الدوله وكل سياسه منفذه وكل فكره يخطط لتنفيذها مستقبلا ، بحيث تحتوى على جانب اساسى فى دعم تكوين هذه الايدولوجيا لدى المواطن بشكل جذرى
لا تزال الدوله المصريه غير قادرة على مواجهة الايدولوجيا العثمانيه التركيه بايدولوجيا مضاده على نفس القوه الدعائيه وعلى نفس القدر فى التجانس بين اجهزتها و قوانينها و سياساتها لخدمة هذه الايدولوجيا او الفكره
-----------------------------------------------------------
ما سبق هو رصد للواقع وليس بالضروره تفضيلاتى او رأيى الشخصى فى الامور منعا للخلط
Comments
Post a Comment