الحلقة الأولى
كيف يفضل الغرب التعامل ؟ مع ممثل واحد ام عشرات الممثلين ؟
يفضل الغرب - على عكس ما يعتقد الكثيرون - ان
يتعامل مع العالم العربى من خلال وكيل واحد او جهة واحده وليس مع كيانات منفصله
كثيره ، صحيح هو لا يمانع اطلاقا ، بل ويفضل هذا التفتيت على اسس عرقيه و دينيه .
الا ان هذا ليس حكرا على العالم العربى فقط كما نحب ان نتصور وليس مقصودا به المسلمون فقط كما نحب ان نتوهم ، فقد تم استعمال نفس الاسلوب مع كافة
الكتل الكبيره التى قد تكون مؤثره ومناوءه للغرب كما حدث مع الاتحاد السوفيتى وتفكيكه الى جمهوريات متعدده
و مع
يوغسلافيا السابقه بتفكيكها الى بضعة جمهوريات صغيره بعد صراعات دمويه تمت تغذيتها وادارتها غربيا بكفاءة فى ظل استغلال للوهن الروسى انذاك
و تشيكوسلوفاكيا الى دولتين
ومع الهند التى تم تفكيكها الى عدة دول ( الهند وباكستان وبنجلاديش ، غير كشمير المتنازع عليها )
ولا تزال المحاولات مع الصين تجرى على قدم وساق
ومن الملاحظ انه تم استخدام حركات الاسلام السياسى فى اغلب هذه العمليات
فضل الغرب لسنوات طويله ابقاء العالم العربى
تحت سيطرة العثمانيين (رجل اوروبا المريض لم تكن تسميه من فراغ ، فقد كان فعلا رجل اوروبا ) ، كان التعامل من خلالهم اسهل ، ويكفى ان ترضى اصحاب
النفوذ فى الاستانه لتحصل على امتيازات بطول الوطن العربى وعرضه ، حتى اصبح ابقاء
العثمانيين انفسهم عبء ثقيل ، فتركوا لمصيرهم المحتوم...
اما الوطن العربى نفسه فقد شجعته الدول
الغربيه على انشاء منظمة مثل جامعة الدول العربيه ، ليكون ممثلا معقولا ومقبولا
لاتخاذ القرارات بدلا من الاشكال الاستعماريه القديمه التى عفا عليها الزمن
لا يعلم الكثيريين ان حكومة بريطانيا العظمى
فى 1941 شجعت على انشاء الجامعه العربيه من خلال وزير الخارجيه انذاك ايدن حيث اصدر بيانا جاء فيه "كثيرون من مفكري العرب يرجون للشعوب
العربية درجة من الوحدة أكبر مما هي عليه الآن، وحكومة صاحب الجلالة من ناحيتها
ستؤيد كل التأييد أية خطة تلقى من العرب موافقة عامة".
وقد استغرق الامر بضعة
سنوات الى ان تم انشاء الجامعة العربيه فعلا فى 1945 م واعترفت بها بريطانيا
والقوى الغربيه
لا ينبغى ان نفهم من
هذا ان الجامعة العربيه عميله للغرب ، لكنها توضح ببساطه الاسلوب الغربى المفضل
للتعامل مع المنطقه ، وهو ان يكون هناك وكيل او جهة ما ، لها قبول عام ، ولا يشترط
ان يكون لها قوه حقيقيه ، يكفى القبول الشعبى العام ، ليتم التفاوض معاها بشكل
مباشر
رأينا كيف تم تمرير
قرارات قويه وخطره من خلال الجامعه العربيه ، مثل ضرب الناتو لليبيا ، تعليق عضوية
سوريا وغيرها
نعود مره اخرى للموضوع الرئيسى وهو ان الغرب
يفضل التعامل مع جهة واحدة عندما يتعلق الامر بالعالم العربى
كانت الخطه الامريكيه المعروفه باسم الشرق
الاوسط الكبير تنتهج نفس التفكير
لكن على ما يبدوا ان تصعيد الاسلام السياسى والذى نجح معهم فى كل المغامرات السابقه ، اغرى صانعى المخططات باستخدامه للمره الالف ، لكن هذه المره على نطاق اوسع
وبدلا من ان تكون العمليه هى استخدام الاسلام السياسى بعد الضغط على الحكومات العربيه لتسهيل الامور استخباراتيا ونقل المجاهدين والتمويلات الى حيث تشاء السى اى ايه و المكتب السادس
هذه المره تقرر ان تكون الخطه اكثر طموحا وان يتم نقل الاسلام السياسى الى ذروة الهرم فى الدول العربية ليتم التعامل بشكل مباشر باعتبارهم اصحاب السلطه ما يتيح تعاونا اوسع واكبر فى تنفيذ كل اهداف الخطه دون عرقلة الحكومات القوميه
وتقرر ان يدار المشروع من خلال وسطاء جدد ، او يمكن اعتبارهم الوكلاء الجدد للوطن العربى ، ورثة جامعة الدول العربيه التى صارت من الماضى وجزءا من حقبه رأتها اجهزة الاستخبارات ، قد ولت ، وانهم بحاجه لنظام عربى جديد ، اكثر تعاونا ، واصلح لعمليات التقسيم المطلوبه على الارض من جهة ، و مع ذلك ستبقى الاداره النهائية فى يد وكيلين فقط
-----------------------------------