تحدثنا الحلقة السابقة عن الخطة التى وضعت فى عصر ريجان – تاتشر بالثمانينات لاجل الترتيب لعالم ما بعد الحرب الباردة والمعالم العامة لتنفيذها ، وسنتحدث اليوم عن الاليات التى وضعتها امريكا لتنفيذ تلك الخطة لاحتواء كافة القوى الفاعلة يسارا ويمينا ولكى تملأ الفراغ الذى سيخلفه انهيار الاتحاد السوفيتى والشيوعيه فى العالم باحتواء اليسار وتوجيهه الى تفكيك القوميات بالتعاون مع اليمين الدينى المتطرف فى كثير من المناطق
الصندوق الوطنى للديمقراطيه .....الحلقة المفقودة
NED ......National Endowment for Democracy
تم انشاء الصندوق الوطنى للديمقراطية فى الثمانينات كما قلنا واختير كارل جيرشمان الذى كان زعيما فى حركة الشباب الشيوعى فى امريكا ، وتم احتواءه واسناد رئاسة الصندوق له منذ انشاءه فى 1983 بل وتم اسناد منصب تمثيل الولايات المتحده فى مجلس حقوق الانسان بالامم المتحده لنفس الرجل !!
لا يزال الرجل الى اليوم رئيسا للصندوق الوطنى للديمقراطيه ، فى غياب لادنى فكره عن الديمقراطيه وتبادل السلطه ، وعلى ما يبدوا انه يقوم بمهامه على افضل وجه
تم فصل الصندوق "" شكليا "" عن الحكومه الامريكيه ، للخلاص من التعقيدات القانونيه الامريكيه من جهة ولابعاد اى اتهامات للحكومه الامريكيه بالتدخل فى شئون الدول ( وهو نشاط الصندوق الوحيد) ، الحقيقه ان انشاء الصندوق جاء بتمويل من لجنة الشئون الخارجية لمجلس النواب الامريكى (الكونجرس) اضافة للتعاون مع الوكالة الامريكيه للمعونات والمنح التنمويه ، وحتى اليوم يحصل الصندوق على دعم سنوى من الكونجرس ويعتبر هذا هو المصدر الرئيسى (واحيانا الوحيد) لتمويل الصندوق الذى يتجاوز المعلن عنه الان سنويا 135 مليون دولار
ويمكنك ان تراجع هذه الصفحه الرسميه لبعض المعلومات البسيطه عن الصندوق
الصورة لكارل جيرشمان رئيس الصندوق الوطن للديمقراطية وهو يكرم جمال بيطيب التونسى من مواليد مدينة سيدى بوزيد التى بدأت فيها احداث تونس المعروفه بالربيع العربى وعلى ما يبدوا ان الاخ جمال قام بواجبه على اكمل وجه فتم تكريمه وعلى الرغم انك قد لاتجد الكثير من المعلومات عنه بالعربيه الا ان دوره على ما يبدوا كان هاما بالنسبه للمؤسسات التى كرمته
احد اهم مصادر التمويل هى ""غرفة التجارة الامريكيه "" ، يعنى زى مقولنا من اول لحظه ان الغرض كان تنفيذ السياسه النيوليبراليه الجديده اللى هتقود العالم ، واللى هى حكم بيقوده شركات عابرة للقارات وبالتالى طبيعى انها هتصرف على المشروع
من الاشياء الطريفه ان الصندوق يرفض منح اى تمويلات لدعم الديمقراطيه داخل امريكا نفسها
ولتسهيل قيام الصندوق بعمله ، تم انشاء منظمات لتعمل تحت مظلته وبتمويله
المعهد الجمهورى الدولى :
عمليا هو تابح للحزب الجمهورى وعادة بيتعامل مع اليمين فى الدول اللى بيستهدفها ، رئيسه كان جون ماكين الجمهورى الشهير ذو الميول الصهيونيه ، وهتلاقيه كان بيدعم علنا كل الجماعات الارهابيه (اليمين المتطرف) فى سوريا و مصر وغيرهم لان دى شغلته زى مقولنا ، الحزب الجمهورى هو اليمين الامريكى ، وهو اللى بيتعامل مع جناح اليمين الخاص بالمؤامرة تحت بند نشر الديمقراطية وطبعا عشان الامور ميبقاش شكلها فج فبيتم تغطية ده بشوية انفاق على اكشاك حقوق الانسان فى اى مكان مطلوب استهدافه ، وطبعا الجماعات اللى بتقول ان الطريق الى القدس يمر بالقاهرة او دمشق ، دول بيبقوا مصروف عليهم كتير عشان يقولوا الكلمتين الحلوين دول ، والكل عارف انهم هيكتفوا بمرحلة تخريب دولهم المطلوبه ، جون ماكين تحديدا كان على علاقة قوية جدا بالاخوان و التقى قياداتهم فى مصر اكتر من مره وانت فاهم دلوقت ان ده كان وظيفة المعهد الجمهورى اللى هو رئيسه ، رغم ان امريكا وقتها كان رئيسها اوباما الديمقراطى!
المعهد الديمقراطى الوطنى للشئون الدوليه :
هنا برضه هو عمليا تابع للحزب الديمقراطى ولا يزال يقوده مادلين البرايت وزيرة الخارجيه الامريكيه الشهيرة ودول بيشتغلوا الشغل الراقى شويه ، حقوق انسان ، رقابة على الانتخابات ، الاعلام الخاص ، تعامل مع الحقوقيين اليساريين عادة بالشعارات اللى بيحبوها ووجه كل غضبهم بدل ما يكون ضد الرأسماليه والامبرياليه الغربيه ، انه يبقى ضد انظمتهم و دولهم ومؤسساتها باعتبارها (عميله للغرب ياعم ) فتلاقى النطع من دول واقف يشتم امريكا وبيقبض منها ، ويحرق العلم ، وبعدين يطلع يعمل مظاهره حلوه يحرق فيها منشأه تبع دولته هو ، يسخن الناس على مؤساساتها بحيث ان غضبهم يتوجه ضد تلك الدول نفسها ولا بأس من شتيمة امريكا والامبرياليه لان فى النهايه الغضب التخريبى هيتوجه ناحية الدوله بدل امريكا ، وهو المطلوب لسبك الشغلانه
المعهد الامريكى لتضامن العمال :
زى منت شايف اسمه ، هو موجه لاستقطاب النقابات العماليه وقياداتها وتحريكهم فى نفس الاتجاه ، عمليات التسخين الدئوبه ، عمليات الاضرابات وايقاف العمل ، وهكذا ، ومن فضائحه الشهيره تمويله لعمليات انقلاب فاشله فى فنزويلا ، وطبعا يتم توظيف اليساريين بكفاءه فى هذه المهام التخريبيه لانهم الاقرب دائما من خلال شعاراتهم وطبيعتها الى العمال
مركز المشروعات الدولية الخاصة :
تابع لغرفة التجارة الامريكيه و يقول ان هدفه تعزيز "الديمقراطيه" ونشر اصلاحات للاتجاه الى "اقتصاد السوق" ، يعنى حاجه كده زى كوهين ينعى ولده ويصلح ساعات ، شىء طبيعى متوقع من غرفة التجارة الامريكيه طبعا ، هتلاحظ ان دوره غامض حبتين لكن على ما يبدوا انه غطاء لاستقطاب " الرأسماليين واصحاب الاعمال " بمعايير معينه فمتستغربش برضه لما تلاقى عندك كام رجل اعمال من الوزن التقيل بيعمل حاجات تبدوا غريبه او مشبوهه ، انشطه تكرم اشخاص لهم سوابق وتصرفات "ضد الدولة" ، ضد "قيم المجتمع" وغيره ، وبرضه لو فكرت هتلاقى نفسك عارف الاسماء لانها واضحه
مركز مساعدة وسائل الإعلام الدولية :
تهدف الى تطوير الاعلام المستقل الخاصل ( اللى هو من الاخر الاعلام اللى هيقوم يسخن الناس ويعملك ريبورتات بموسيقى حزينه عن العشوائيات وازاى الانسان رخيص ، او يعمل حلقه توك شو عن التحرش والاغتصاب ، او فجأه تلاقى الجرايد الخاصة كلها بتكتب عن امناء الشرطه وامبراطورية حاتم امين الشرطه الفاسد تنويعا على فيلم هى فوضى لصاحبه الحقيقى خالد يوسف ، او او او ....الخ)
هتلاقى اشخاص متسمعش عنهم بيكتبوا فى مجلات وجرايد اجنبيه لاسباب غير مفهومه ونظير مقالاتهم طبعا بيكون الثمن معروف ، وعادة هتلاقي الجزيره او البى بى سى او الدويتش فيله او السى ان ان تلمعه وتقول عليه المعارض والناشط الحقوقى والسياسى فلان الفلانى ، وبهذا توفر غطاء شكلى وقانونى لتمويل الرجل او المرأه اللى هتطلع تقول المطلوب منها ، وهم هيقنعوا نفسهم ان دى اراءهم الوطنيه العظيمه وخلاص
اذن هتلاقى ان الناس كتر خيرهم مسابوش حاجه !!!
منظمات لليمين ومنظمات لليسار و للعمال و البيزنس و الاعلام ، وكله بيتصرف عليه علنا ، واحيانا سريا
ده يوصلك فى النهايه انه كله بيصب فى بعضه ، الاخوان واليساريين منذ الثمانينات بيتلقوا الدعم و التعليمات و التمويلات الخارجيه من نفس الجهه ، واليساريين كان عندهم افكار مكنت بعضهم مبكرا بالالتقاء مع الاخوان والتعاون معهم ( عائلة احمد حسين و حزب مصر الفتاه ثم الحزب الاشتراكى ثم حزب العمل كنموذج للتطور ده) وفى النهايه عندما اصبح اليساريين بلا عمل وبلا نموذج ، تم احتواءهم فى حوارات نشر الديمقراطيه وحقوق الانسان ، والتنسيق للعمل مع اليمين المتطرف (الاخوان ) اللى كانوا سبق ليهم التعاون فى الثمانينات مع اليسار الاسلامى بقيادة عائلة حسين
ومينفعش تيجى تقول ميقبضوا عليهم ؟ مينفعش ، الشكل القانونى مسبوك كويس ، واللى بيصرف على ده كله مبيسكتش لما تمسك حد من صبيانه واظن انت شفت بعينك انتفاضة القوى العظمى لمجرد القاء القبض على اشخاص ، انت تتصور انهم لا يساووا تعريفه ، لكن دول من صبيان المعلم ، وانت كده بتخبط فيه بشكل مباشر ، وانت لك ميت مصلحه معاه ، يبقى الحل ، انك بتلم الدور ، وتحرق كروته اول باول ، وتخليهم فعليا ملهومش لازمه قدر المستطاع ولنا فى وائل غنيم نموذجا ، ومكنش حد يسمع عنه ، ورغم كده وجدنا الخارجيه الامريكيه تتدخل للافراج عنه ايام يناير 2011 بالاسم عندما القت امن الدوله القبض عليه
هكذا تغيرت قواعد اللعبه تماما ، لم يعد هناك لا يمين ولا يسار ، اصبح هناك قومى او معادى للقوميه ، اليساريين و الاخوان اصبحوا معادين للقوميه علنا من خلال ما سبق شرحه ، بينما التيار القومى الذى يحكم مصر الان ، يفسد كل ما انفق من اموال غربيه يوما بعد يوم بهدوء وبدون ضجه كبيره
💡القوميه لم تعد خيارا وليست كما يشوهها جناحى المؤامره ، القوميه اصبحت مرادفا للحفاظ على الدوله وبقاءها ، لم تعد امبراطورية النزعة كالنازية او كالاردوغانية
------------------------------------
Comments
Post a Comment